تغيير الماضي في صلح الحاضر

192
بروباغاندا

تغيير الماضي في صلح الحاضر، تحدث جورج اورويل في روايته “1984”، عن الصراع الدائم بين الدول الثلاثة العظمى “اوراسيا، واوقيانوسيا، وايستاسيا”. وكان هذا الصراع متحولاً بينهم، فتارةً تتحالف اثنتين ضد واحدة، وتارةً اخرى تتواجه الثلاثة ضد بعضها البعض.

لطالما كان عدو اللحظة يمثل الشر المطلق، ويترتب على ذلك أن أي اتفاق سابق أو مستقبلي معه كان مستحيلاً. قال الحزب إن أوقيانوسيا لم تكن أبدًا في تحالف مع أوراسيا. كان وينستون سميث يعلم أن أوقيانوسيا كانت في تحالف مع أوراسيا في وقت قصير قبل أربع سنوات. لكن أين وجدت هذه المعرفة؟ فقط في وعيه الخاص، والذي يجب على أي حال القضاء عليه قريبًا.

على الرغم مما سبق، كان يمكن للتحالفات أن تحدث في أي لحظة، وعند حدوثها تختلف ملامح التاريخ لتغير الحاضر. فإذا قبل الآخرون الكذبة التي فرضها الحزب – إذا كانت جميع السجلات تحكي نفس الحكاية – فإن الكذبة انتقلت إلى التاريخ وأصبحت حقيقة. انطلاقاً من شعار الحزب “من يسيطر على الماضي يتحكم في المستقبل: من يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي”.

ومع ذلك ، فإن الماضي ، على الرغم من تغير طبيعته، لم يتغير أبدًا. كل ما هو حقيقي الآن كان صحيحًا من الأزل إلى الأبد. كان الأمر بسيطًا جدًا. كل ما كان مطلوبًا هو سلسلة لا تنتهي من الانتصارات على ذاكرتك. التحكم في الواقع او ما يطلق عليه بالتفكير المزدوج.

الصلح يغير الحاضر

في حين دخلت اثنتين من الدول الثلاثة في تحالف مع الأخرى، تبدأ عمليات التغيير في السجلات، وتغيير البروباغاندا الاعلامية. فيصبح العداء بين هاتين الدولتين مجرد وهم، كان حلماً جماعياً لا صلة له بالواقع. ومن يحاول التفكير فقد يخسر عقله او يخسر نفسه، فعلى الجميع الانصياع للحزب وتصديقه.

سنركز في هذه المقالة على شيء واحد فقط، الا وهو الاعلام. تبدأ وزارة الحقيقة بتغيير الجرائد والمجلات واتلاف القديم منها واصدار جرائد جديدة بتواريخ جديدة وقديمةـ فيها معالم الحاضر الجديد. فتتحول الشتائم والمعارضات والعداء الذي كان منتشراً الى رسائل حب وصداقة قديمة مع الدول المتصالح معها.

وفي عالمنا المعاصر بعيداً عن الروايات والأدب، نجد الأمر يحدث فعلياً، فما ترى الصلح بين السعودية وقطر حتى تجد اعلام الطرفين في غمضة عين، يزيلون عبارات الحقد والعداء، وينتجون عبارات الحب والمودة. وفي نفس الوقت تجد سكانهم يمشون مع التيار، فحينما يكون العداء يكون ايضاً بين البعض من شعوب هذه الدول. وحين يكون الصلح بينهما يتصالح هذان الطرفان كأن شيئاً لم يكن.

ويمكن اسقاطه حديثاً على ما حدث بين ايران والسعودية، فبعد الصلح بينهما أصبح الاعلاميون يمحدون ويثنون على هذا الصلح. وأزيلت اللافتات من الشوارع المناهضة للطرفين والتي كان منها الرفض الشديد للصلح مع الطرف الآخر.

خاتمة

تسيطر الدول على شعوبها من خلال البروباغاندا الاعلامية بانواعها. فتجدهم ينشرون في الاعلامي المرئي والمسموع ومواقع التواصل ما يريدون من الشعب ان يعلموه وأن يتبعوه. فعدو الدولة هو عدو الشعب وصديقها هو صديق الشعب. وطبق هذا الأمر جورج اورويل في روايته 1984 ووصفه وصفاً دقيقاً، وتحدث عن عملية تحريف الماضي والحاضر. فتجد الدول اليوم كالسعودية تصالح وتمحو الماضي وتغير الحاضر.

Motasem Hanani
WRITTEN BY

Motasem Hanani

مطور مواقع، مصمم، ممنتج وكاتب محتوى. اسعى الى تغذية المحتوى العربي التطويري والثقافي في كل ما هو حصري ومفيد بعيداً عن النقل العشوائي والبرامج القديمه التالفة.